مدرسة قصاصين الشرق الإعدادية التابعة لإدارة الحسينية التعليمية بمحافظة الشرقية ج.م.ع ترحب بكم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدرسة قصاصين الشرق الإعدادية التابعة لإدارة الحسينية التعليمية بمحافظة الشرقية ج.م.ع ترحب بكم

بســــــــــــــــم الله الرحمـــن الرحــيم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مدينة النار .. ماذا وراء الجدار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ادهم ابراهيم عطية
عضو مبدع
عضو مبدع
ادهم ابراهيم عطية


عدد الرسائل : 132
العمر : 29
الموقع : www.google.com
العمل/الترفيه : طالب
المزاج : فاضى
النقاط : 55943
تاريخ التسجيل : 25/01/2009

مدينة النار .. ماذا وراء الجدار Empty
مُساهمةموضوع: مدينة النار .. ماذا وراء الجدار   مدينة النار .. ماذا وراء الجدار I_icon_minitimeالجمعة 13 فبراير 2009, 19:41


مدينة النار .. ماذا وراء الجدار
مدينتي عريقة .. حبلي بالكثير المثير .. راقدة في أحضان (النهرين) .. نهر النيل الآتي من صوب العاصمة يحمل بين طياته صخبها وضجيجها وملاحة أبنائها و(العطبراوي) ذلك النهر الثائر الهادر المتدفق موسمياً من تلال الشرق يحمل عنفوان (الهبباي) وطيبة وبشاشة وسماحة أهل الشرق .. مدينة متناقضة .. ضجيجها فى النهار يحرك القطار .. وهدوءها ووداعتها فى الليل تخدر العقول .. إنها مدينة الثوار تروي للأجيال عن الصمود والنضال .. .. إنها مدينة ( الحديد والنار ) تنطلق أعمدة الدخان تتصاعد منذ الفجر وحتى الغروب كل يوم ترسل إشارات الجد والكد والكفاح .. وصوت صافرة الصباح يكسر تداعيات الزمن .. وهمم الرجال .. وسواعد الرجال تعرك فى رحى (الماكينات) وتقف أمام (الأفران) وتكتب قصة الكفاح وملاحم النضال ..
تحت ظل شجرة (النيم) العتيقة كان يلتقى أحمد مع نفر من العمال .. استقر بهم الحال في هذه المدينة التي خلقت لتشعل النار وتطوع الحديد والمحال .. لكن الزمن تغير والحلم تبدل .. والآهات استطالت وامتدت إلي أعماق الزمن الأجوف ووقفت حاجزاً بين الطموح والآمال .. ماذا جري .. ماذا جري .. إنه الزمن الأسود .. إنه العقوق ونكران الجميل والطعن فى سواعد الأمل الأخضر لتموت فيها الحياة ويستحيل عليها العودة للتفكير .
أحمد .. ذبل عوده وأُنهكت قواه وتقوس ظهره الذي كان باسقاً كنحيل بلادي علي شط النهر التليد .. ماتت ابتسامته الحبلى بالزمن الوليد الذي يأتلق فى عينيه ويرتسم فى جبينه الذي أصبح داكناً كدجي "العتامير" .. تقوقع فى كرسيه القماشي العتيق يتلفت حوليه ممسكاً بيده اليمني صحيفة اختلط فيها سواد المداد بصفرة الورق كثوب حداد تدثرت به أرملة أنهكها الزمن المفجع .. تقاطيع وجهه الكالح تقول إنه مهموم .. .. مهموم حتي النخاع .. ..
- أحمد .. أحمد .. .. " صوت عجوز مبحوح جاءه من داخل الدار " .
- نعم .. ماذا جري يا أماه ..
- ولدك .. محمد .. الحمي .. الحمي أنهكت قواه .. وأصبح يهزأ كالمجنون .
قفز من كرسيه وهو يهمهم " لعنها الله الملاريا .. لعنها الله " وخطى بخطوات واسعة نحو الدار .. ثواني ثم رجع إلي الخارج مندفعاً كالثور الجريح .. تارة يدخل يديه فى جيوب ثوبه البالـي وتخرج خالية الوفاض .. وتارة أخري يرفعهما إلي رأسه وهو يهمهم " ماذا أفعل .. لا أملك حتي جنيهاً واحداً .. والولد يحتضر .. ليس أمامي سوى عم علي صاحب الدكان " .. وفجأة أسرع الخطى .. ..
- يا ولد أين عم علي .
- لا ادري .. ولكن ربما يكون قد ذهب ليحضر بضاعة .
- آه .. يا رباه .. .. " ارتحل بعقله بعيداً فوق سحابة سوداء ارتسمت أمامه .. غارقاً فى همه وغمه .. .. .. سابحاً فى بحر مشاكله مع عم علي والدين الذي عليه ولا يعرف متي يستطيع حله "
.. استفاق علي صوت عجلات قديمة يدب إلي أذنيه فاستدار إلي الخلف بحركة لا إرادية فإذا بعربة _ كارو _ يجرها حصان أعرج طاوي البطن متعب العينين .. وبها أكياس وبضائع مختلفة .. وعليها رجلان أحدهما ارتسمت فى ملامحه كل أوجاع الزمان وهموم بني الإنسان .. والآخر نموذج للغطرسة والعنجهية .. وكأن المشهد لوحة فنان سريالي مس عقله الجنون فاختلطت عليه الأفكار والألوان واضطربت الفرشاة فى يديه فأصبح لا يعرف إلا المتناقضات .. ..
- أحمد ماذا تريد .. لن أسمح لك بأخذ أي شيء من الدكان حتي لو كان صابونه .
" صاح الرجل المترف بكل ترفع وكبرياء وهو يترجل من العربة المنهكة بالأحمال "
- انت أولاً أعرف ماذا أريد .. .. وما هي ظروفي .. و ..
- ماذا أعرف .. نفس السيرة التى أسمعها منذ سبعة أشهر .. الولد لم يرسل الدولارات .. والبيت لا يوجد به ما يسد الرمق .. وأنك لم تجد عملاً إضافياً .. وراتبك لا يكفي إيجار البيت .. وووو ..
- نحن الآن فى أهم من ذلك .. إبني الصغير يحتضر من شدة الحمي .. وأنا لا أملك ما آخذه به للطبيب واليوم الجمعة المركز الصحي مغلق .. وو ..
- آآآآآآآ .. تريد فلوس .. هذا ما تبقي .. بضاعة وكمان سلف ؟ ! .. وفى الآخر نفس القصة المملة التى تكررها لي كل شهر .
- ولكن ماذا أفعل .. لا أمل لي سواك .. أرجوك .. أرجوك .. أر..
- أسمع أنا ليست لدي فلوس أوزعها علي كل محتاج .. أذهب واتصل بابنك ليرسل لك الدولارات التي صممت بها مسامعنا من يوم أن سافر .
- الله يسامحك .. أنت عارف إنه لم يجد عمل حتي اليوم .. وهو عاله على بعض أبناء الجيران هناك .
- هذه ليست قضية تهمني .. اذهب ودعني أرتب بضاعتي .
طفلة حافية القدمين عارية إلا من سروال وسخ .. جاءت مهرولة وهي تصيح بنفس متقطع .. ودمعها يتقاطر من عينيها الذابلتين " أبي .. أبى .. محمد مات .. محمد مات !!!! " " .
وتمضي عربة الزمن بكل ما تحمله من مرارة وقسوة .. وجبال الصبر الكامنة فى أعماق أحمد تتشرخ ببراكين الحياة الملتهبة فى أحشائه .. والبحث المضني عن عمل يحل به المعضلة أصبح سراب .. حتي جاء ساعي البريد يحمل رسالة من خارج الحدود .. فتحت أبواب الأمل الراقد فى غياهب النفوس المنهكة .. وبأنامل مرتعشة وعيون نهمة التهم حروفها واسطرها .. وخاب الأمل وضاع الرجاء المرتقب .. وغاب أحمد فى لجة عميقة من التفكير والعبوس ..
- أحمد .. أحمد .. ماذا بالرسالة " صوت زوجته وهي تكاد تقفز من مكانها " .
- آآآآآآآه ..
- ماذا .. ماذا .. ربنا يستر ..
- ربنا يستر .. ربنا يستر .. أنا أعتقد أن الستر لم يبقي له مكان فى بيتنا .. حتي حسن يريد الرجوع ولا يجد ثمن التذكرة .
هام علي وجهه يبحث عن مخرج ويريد حلاً .. ولكن وجد الأبواب موصده والنفوس متشبعة بالحقد الدفين تجاه كل ما هو عكس التيار .. ! ! .. وجميع مداخل الأعمال أصبحت حكراً علي بعض التجار .. ورخاص النفوس .. والدوائر الحكومية والمؤسسات الوطنية باتت لمن يرفع الشعار وينفخ فى المزمار ويلبس قناعاً مستعار .. كل سبل الكرامة أغلقت .. .. والطريق واحد !!! واحد .. غير معبد .. غير آمن .. تحفه المخاطر وتحرسه الوحوش الكواسر .. سبيل مفروض علي كل النفوس وخاصةً أمثال أحمد من الكادحين الغبش .. ووقع أحمد فى فخ الزمن الغادر .. وسلك الطريق الواحد .. وقبل أن يجني ثمار خطاه الأولي كان قدره المرسوم .. فى غياهب سجن لا قرار له .. تحفه حيطان سوداء أربعة .
وكانت النهاية فيها بداية .. .. ..


ادهم lol!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://adham-dode.mam9.com
 
مدينة النار .. ماذا وراء الجدار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شوبير يفتح النار
» أغرب وأجمل مدينة عائمة فى العالم
» ماذا يحدث لجسدك عندما تقول ( الله)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدرسة قصاصين الشرق الإعدادية التابعة لإدارة الحسينية التعليمية بمحافظة الشرقية ج.م.ع ترحب بكم :: المنتديات العلمية والثقافية :: القصة والرواية-
انتقل الى: